يا نجوم لبنان رفقاً بأجوركم
2023-10-05 الساعة 08:50:00
يا نجوم لبنان
رفقاً بأجوركم
✍منجد شريف
تشهد بورصة الحفلات في لبنان، منافسة قاسية بين متعهدي الصف الأول من النجوم،و بات التكسب من هذه المهنة محفوف بمخاطر جمة،فقد أدت تلك المنافسة إلى مزاداً بكل معنى الكلمة،و صاروا نجوم الصف الأول يرفعون من أجورهم بسبب كثرة العروض على ذات التواريخ و المناسبات،و منهم من صارت شروطهم تعجيزية إلى حد أنهم يريدون صالات تفصل لهم شروطهم الخاصة،و التي تؤثر حتماً على قدرة المتعهدين في الإستقطاب لأن شروط الزبائن على حفلات النجوم مشروطة أيضاً بمعرفة تقديمات الحفل من طعام و شراب و خلافه،و بين الشروط المتضادة يقع المتعهد في حيرة من أمره، لا يحلها إلا الإغراء المادي فصارت أجور النجوم في عنان السماء تحلق في إرتفاع تصاعدي غير موضوعي،إذا لا يعقل أن يتقاضى الفنان مبلغاً معيناً في النوادي الليلة،ثم يطلب أضعاف أضعافه في مكان آخر في المدينة نفسها،ما جعل ضحايا هذا التناقض في الأجر كثر من المتعهدين الجدد من الذين لا سابق تجربة لهم على هذا الصعيد،أما نجوم الصف الأول فصاروا حكراً على متعهدين معينين بالإسم،و على سبيل المثال هناك نخبة من نجوم الصف الأول لا تنظر إلى الأجر بل إلى أسماء معينة من المتعهدين، و هذا ما يحفزهم لطلب أجوراً قياسية من بقية المتعهدين،عملاً إذا بالقول : إذا أردت أن تبقي إبنتك علي مهرها،و من أجل إشاعة الأجور الوهمية التي يطلبونها حتى يصبحون في قائمة النجوم الأكثر ثراءً،بينما حقيقة الأمر عكس ذلك.
و بين حسابات البيدر و الحقل هناك حقيقة لا يعلمها إلا الفنان و متعهده المعين و المقربين منهم على قاعدة ''خبريتنا بين بعضنا'' ،لكن تلك الخبرية فاحت رائحتها،كما حصل في حفلات الأضحى الماضي،إذ تسربت و انتشرت الأخبار عن كوراث الحفلات خلاله،وكانت تحدياً بين كل المتعهدين و النجوم في لبنان،و حل بدل الأجر فتاوى بين عدد من المتعهدين و النجوم من أجل الخروج بحلول مقبولة،و لو من عنق الزجاجة، على قاعدة لا ينكشف الفنان و لا يفنى المتعهد!!!
أصبح تعهد الحفلات محصور في فئة معينة من المتعهدين من الذين لهم مكانة الحظوة عند الغالبية من نجوم الصف الأول ما عدا قلة ما زالوا يتركون الفرصة لغير متعهدين لدخول المعترك و التعاون معهم من أجل عدم أحتكارهم في حفل أو حفلين سنوياً،و اللافت في هذه المهنة في لبنان ضيق السوق و كثرة النجوم ما جعل من التعهد مبارزة بين الفنانين بين بعضهم البعض مع نجوم معينين، و الخاسر الأكبر هو المتعهد الصغير الذي يتعب على عمله و يجهد منذ اليوم الأول لتوقيع العقد على نجاح الحفل حضوراً و تنظيماً و جودةً، ليجد ربحه''لمية بالصينية'' بالتعبير المجازي اذ جراء المبالغة بالأجور و التكاليف على أنواعها يجد ربحه في إن إستطاع موازنة المدخول مع المطلوب، و يكون أقصى ربحه أن يمون في حسم جزء،بسيط من المدفوعات كي يخرج سالماً من دون أن يدفع من جيبه شيء،هذا ما جعل غالبية الحفلات في لبنان غير مربحة إلا ما ندر،و يعزو السبب إلى أن الجميع نسي أننا في أزمة،و نسبة الناس المقتدرة على أجواء السهر و البطاقة الباهظة محدودة،فكانت ظاهرة تامر حسني و عمرو دياب إنقلاباً جعل الجميع يطمحون لإحياء حفلات مماثلة،و بعدما إنتشرت الأرقام التي تقاضاها النجمان،جعلت نخبة من الصف الأول ترفع أجورها و تطلب ذات الشروط و هذا ما ستشهده حفلات رأس السنة،فمقابل حفل وائل كفوري حفل لملحم زين و رحمة و ناصيف زيتون في الفوروم، حفلة مقابل حفلة،و في الليلة التي تسبق رأس السنة و في المكان نفسه كاظم الساهر مقابل شيرين عبد الوهاب،و أيضاً حفلة مقابل حفلة،بينما هناك متعهدين مستترين خلف متعهدين صغار يمولوهم ليحيوا حفلات بوجه تلك الحفلات ليحجزوا دوراً في قائمة المتعهدين الكبار و الواجهة لهم لصوصاً ظرفاء صاروا من الأسماء الكبيرة في عالم التعهدات بينما تسميةاللصى الظريف ألقابهم بين النجوم و أبناء المهنة لذا لا يلبث أن تفوح روائح خلافاتهم مع النجوم و الصالات ليعودوا و ينظموا الحفلات لذات النجوم في نفس الصالات هذا ما أكسبهم لقب اللص الظريف لأن ظرافتهم تخولهم على الرغم من لصوصيتهم في التعاون مع ذات النجوم و الصالات،و هذا ما سيحول كل الصالات في لبنان حكراً على فئة معينة من المتعهدين و النجوم، و إلى بورصة من الحفلات ذات الأرقام الخيالية،و معركة تكسير رؤوس في سوقٍ ضيق لا يحتمل كل هذه المنافسة و لا تلك الأرقام الخيالية التي يتقاضاها النجوم،فما هدف تلك المعركة المستترة بين المتعهدين و النجوم وحده الله كان يعلمها،و في أزمة إقتصادية غير مسبوقة.
حقاً أن لبنان يجب أن يصبح من عجائب الدنيا الثمانية بدل السبع،ففي الحرب لم يتأثر و في السلم و في الأزمات،إنه بلد العجائب و الغرائب أو ربما أبناؤه من فصيل شمشوم الجبار الذي لا يتأثر بشيء،و عود على بدء، فبين المتعهد و الفنان فجوة إسمها المنطق يجب على الفنان أن يراعيها،و أن يترك المجال للتنوع في أسماء المتعهدين، لأن الحصرية لها مفاعيلها السلبية إن لم يكن عاجلاً فآجلاً فالكم يخلق الكيف فلا يجدر أن تكون الساحة لثلاث أو أربع أسماء من المتعهدين حصراً، لأن ذلك سيسبب الإحتكار الذي مهما كان جيداً إلا أن عواقبه وخيمة عند ذهاب البريق،فأول من يتخلى هو من أحبك لشيء،لأنه حتماً سيملك عند إنقضاء هذا الشيء الذي أحبك لأجله و الأمثلة على ذلك كثيرة.
فيا نجوم الصف الأول في لبنان رفقاً بكلفة أجوركم الأسواق لا تلبث أن تنفيكم إن ليس عاجلاً فآجلاً.